مدير القروب ومكافحة الجرائم المعلوماتية

http://www.alwatan.com.sa/Discussion/News_Detail.aspx?ArticleID=351862&CategoryID=8

تطالعنا الصحف بين فينة وأخرى، بأقوال ممجوجة، تدعى شططاً أن مدراء مجموعات (قروبات) الواتساب مسؤولين عما ينشر في مجموعاتهم من مواد محظورة، ويُعتبروا مشاركين في جريمة معلوماتية، إذا لم يبلغوا عن ذلك، وهذا كلام غير صحيح، فيه توسع مذموم في التجريم، يخالف الشرع: (ألا تزر وازرة وزر أخرى)، ويعارض النظام، إذ لم ينص نظام مكافحة جرائم المعلوماتية على اعتبار من لم يبلغ عن وقوع الجرائم شريكاً فيها، وبالتالي يعتبر ذلك التوسع في التجريم مخالفاً للنظام الأساسي للحكم، الذي نص على أن: "لا جريمة ولا عقوبة إلا بناءً على نص شرعي، أو نص نظامي..."
إن الاشتراك في الجريمة، لابد لتحققه من قيام ركنه المادي، المتمثل في الاتفاق مع الجاني، أو مساعدته، أو تحريضه على ارتكاب الجريمة بأي شكل (المادة 9 من نظام مكافحة جرائم المعلوماتية)، وأن يكون وقوع أحد تلك الأفعال سابقاً أو معاصراً للجريمة، لا لاحقاً لها. فإذا تحقق الركن المادي بأحد عناصره، وجب البحث عن الركن المعنوي (القصد الجنائي) للاشتراك في الجريمة، أي: أن يعلم الشريك في الجريمة أن فعله مساهمة في جريمة، ويعلم كذلك النتيجة غير المشروعة لفعله، وأن تتجه إرادته إلى الاشتراك في الجريمة بفعله؛ فإذا ما انتفى الركن المادي بانتفاء المساعدة، أو التحريض، أو الاتفاق على فعل الجريمة، أو انتفى الركن المعنوي بانتفاء علم المشترك بالجريمة، أو لم تكن إرادته تتجه للمشاركة فيها، فلا يمكن عندئذ القول بوجود مشاركة في الجريمة. وحتى لو توفر الركنين المادي والمعنوي للاشتراك في الجريمة، فلا يجوز الجزم بوقوع المشاركة في الجريمة، إلا بعد البحث عن وجود علاقة سببية بين الجريمة وفعل الشريك، أي أن يكون فعل الشريك سبب في وقوع الجريمة، فإذا لم يكن فعل الشريك سبب لوقوع الجريمة، انتفت تلك العلاقة السببية، وانتفت بالتالي المشاركة في الجريمة.
ولا يوجد نص نظامي ينص على مسؤولية مدير القروب -أو غيره- عما ينشره أعضاء القروب، ويُلزم مدير القروب بالإبلاغ عن المخالفات التي تقع في قروبه، أو يتعبره مشاركاً في الجريمة إذا لم يبلغ عنها، وعليه، فلا يجوز التوسع في تقرير مسؤولية مدير القروب عن أفعال غيره إلا وفق ما نص عليه النظام، فلا بد من وجود نص يجرم الفعل ويحدد عقوبته، إذ لا جريمة ولا عقوبة إلا بنص.
إن الهدف مما سبق بيانه، دحض الأراء غير العلمية المتوسعة بشكل بشع في التجريم، الراغبة في إقحام كل فعل تحت مظلة نظام مكافحة جرائم المعلوماتية؛ وليس الهدف تبرير المخالفات النظامية أو الدعوة إليها. ولعله من المناسب، إعادة صياغة بعض الأنظمة (خصوصاً الجزائية) لتكون أكثر دقة ووضوحاً، وإصدار لوائح تنفيذية تبياناً لما غَمُض منها، ووضع نظام للعقوبات، منعاً للاجتهادات الفردية غير العلمية، ولتحقيق العدالة، حتى لا يُأخذ بريء حسن النية بفعل غير منصوص على تجريمه صراحة.



Comments

Popular posts from this blog

ميراث زوجة الأب

الحماية القانونية للتصاميم

تمييز الابن العامل عن إخوته