سلبيات النماذج الجاهزة لعقود تأسيس الشركات



      توفر وزارة التجارة والصناعة العديد من النماذج وذلك رغبة من الوزارة في التيسير على أصحاب الأعمال ومساعدتهم على إنجاز أعمالهم بسلاسة، فهناك نماذج لعقود تأسيس الشركات على إختلاف أنواعها من ذات مسؤولية محدودة وتضامنية وتوصية بسيطة إلى غيرها. كما أن الوزارة توفر نماذج أخرى توفر على مراجعي الوزارة الوقت والجهد كنماذج عقود الوكالات التجارية وطلبات إصدار وتعديل السجلات التجارية ونماذج طلب تسجيل العلامات التجارية وغيرها.
      وقد يكون لاستعمال بعض هذه النماذج أثر سلبي لا ينتبه إليه الكثير من أصحاب الأعمال خصوصاً نماذج عقود تأسيس الشركات ونماذج عقود الوكالات التجارية حيث أنها تشتمل على المواد الأساسية والاشتراطات الإلزامية التي نص عليها النظام فقط، وبالتالي فهي لا توفر الحماية الكافية لأطرافها ولا تغطي جميع الجوانب التي من الأفضل أن يتفق عليها أطراف تلك العقود، وسنتحدث هنا عن عقود تأسيس الشركات ولعلنا نعرج على عقود الوكالات التجارية في مقال لاحق إن شاء الله.
    إن نماذج عقود التأسيس التي توفرها وزارة التجارة هي في الأصل نماذج استرشادية تحتوي كما قلنا على البنود الإلزامية الأساسية التي فرضها نظام الشركات والتي لا يجوز مخالفتها ولا يجوز حذفها، كما تحتوي على بعض البنود المطاطة التي تحتمل أكثر من تأويل وتفسير. فمن الضروري إضافة بعض المواد إلي نماذج العقود تلك أو تعديل البعض الأخر بما يتوافق مع نظام الشركات لتوضيح حقوق والتزامات الشركاء بشكل أدق وإزالة أي لبس قد يعتري بعض تلك المواد، وذلك من أجل تقليل احتمال وقوع الخلاف بين الشركاء أو بين بعضهم وورثة البعض الأخر.
     وتترك نماذج العقود تلك للشركاء الحرية للاتفاق على العديد من الشروط كتلك المتعلقة بالإدارة مثلاً، فالشركاء لهم الحق في اختيار طريقة وأسلوب الإدارة الذي يرونه ملائماً فإما أن يتفقوا على أن تكون الإدارة بيد شخص واحد يسمونه في عقد التأسيس أو لمجلس يتكون من أكثر من مدير واحد يُسمي الشركاء أعضاءه في عقد التأسيس مع تحديد سلطاتهم وصلاحياتهم في إدارة الشركة. كما يمكن النص على طريقة الإدارة في عقد التأسيس وترك تسمية المدير أو أعضاء مجلس المديرين في العقد ليتم ذلك في مستند مستقل مما يسهل عملية تغير المدير أو أعضاء مجلس المديرين لاحقا ومن دون الحاجة إلى تعديل عقد التأسيس. علماً بأن نماذج العقود لا تشير مثلاً إلى نصاب انعقاد مجلس المديرين ولا كيفية صدور قراراته وهنا يقع الكثيرون ممن يعتمدوا على نماذج الوزارة في خطأ كبير لا يمكن اكتشافه إلا من خلال الواقع العملي عند وقع خلاف على نصاب انعقاد مجلس المديرين.
نأتي إلى نقطة مهمة جداً وهي أن نماذج عقود الوزارة لا تحدد بدقة حقوق والتزامات الشركاء عند تخارج أحدهم برغبته فهي لا تحدد مثلاً معيار احتساب قيمة الحصص عند رغبة أحد الشركاء في التخارج، وهذه النقطة تكون في الغالب مثيرة للخلافات بين الشركاء التي لا يحلها إلا القضاء وتستغرق وقتاً طويلاً جداً للفصل فيها.
 إن من الضروري عدم الاعتماد على نماذج عقود التأسيس كما هي فلابد من تعديلها وتهيئتها بالشكل الذي يوفر أعلى درجات الحماية للشركاء ويقلل من احتمالات وقوع الخلافات بينهم. وهناك العديد من الوسائل الأخرى لتحقيق ذلك الغرض من غير تعديل عقود التأسيس ومن غير المساس بها وهي وسائل يعرفها المختصون من المحامين المرخصين من وزارة العدل.
أخيراً أود أن أنبه أصحاب الأعمال إلى عدم اللجوء إلى غير المتخصصين ممن يدعون قدرتهم على تأسيس الشركات في وقت قياسي وبأتعاب زهيدة جداً من دون أن تكون لهم أدنى معرفة بأصول صياغة عقود التأسيس حيث أنهم يعتمدوا فقط على نماذج عقود التأسيس الجاهزة أو أي عقود تأسيس لشركات أخرى قد تقع بين أيديهم الأمر الذي لا يوفر الحماية الكاملة للشركاء وقد يترتب عليه وقوع خلافات بين الشركاء.

Comments

Popular posts from this blog

ميراث زوجة الأب

الحماية القانونية للتصاميم

تمييز الابن العامل عن إخوته