حماية الأسرار التجارية


تعد الأسرار التجارية مثل المعرفة الفنية Know-how، والأبحاث والدراسات، وقوائم العملاء جزءاً من منظومة حقوق الملكية الفكرية التي تقوم الدول على حمايتها وتشدد العقوبة على منتهكيها وذلك بضغط من الشركات الكبرى خصوصاً تلك العاملة في مجال الحاسب الآلي والبرمجيات والأدوية. أن تلك الشركات تنفق بلايين الدولارات للوصول إلى منتج جديد أو طريقة جديدة لصناعة منتج معين وتحيط ذلك بسرية تامة خوفاً من تسرب المعلومات السرية الخاصة بالمنتج الجديد أو طريقة التصنيع الجديدة إلى الشركات المنافسة، لأن أي تسريب لتلك المعلومات يمثل خسارة كبيرة للشركة المنتجة ومكسب للشركات المنافسة. وبالتالي فالشركات المنتجة حريصة جداً على حماية أسرارها التجارية وعدم إفشاءها، وهي لا تطلع عليها أحد حتى داخل الشركة ذاتها إلا فئة معينة من الموظفين بعد توقيعهم على تعهدات بعدم إفشاء تلك المعلومات.
ولقد وضع المشرع السعودي لائحة لحماية المعلومات التجارية السرية، حيث اعتبرت اللائحة أن السر التجاري هو أي معلومة ذات قيمة تجارية تكون عادة غير معروفة لغير صاحبها، أو يصعب على الغير الحصول عليها، ويخضعها صاحبها لتدابير معقولة للمحافظة على سريتها. ولقد منعت اللائحة أي شخص غير صاحب الحق في السر التجاري من الحصول عليه بطريقة غير مشروعة أو استعماله أو الإفصاح عنه دون موافقة صاحب الحق. ويدخل ضمن ذلك الإخلال بالعقود ذات العلاقة بالأسرار التجارية، والإخلال بسرية المعلومات المؤتمن عليها، وحصول أي شخص على الأسرار التجارية من طرف أخر حصل عليها نتيجة لممارسات تجارية غير نزيهة.
كما أعطت اللائحة لكل من لحق به ضرر من جراء قيام الغير بإفشاء أو استغلال أسراره التجارية من دون موافقته الحق في رفع دعوى لطلب التعويض عن الأضرار التي لحقت به نتيجة لذلك.
إن حرص الشركات على حماية الأسرار التجارية ليس من المنافسين فقط بل أيضاً من العاملين في تلك الشركات والذين هم على اطلاع على المعلومات التي تمثل أسراراً تجارية. فنجد العديد من الشركات تطلب من موظفيها المطلعين على تلك المعلومات أن يوقعوا على تعهد بعدم إفشاء تلك المعلومات كما أسلفنا، أو قد تضمن بعض الشركات عقود موظفيها بند خاص بعدم إفشاء المعلومات التي تمثل أسراراً تجارية لتلك الشركة.
ولقد كفى المشرع السعودي الشركات العاملة في المملكة مؤونة ذلك بإلزامه العمال عدم إفشاء الإسرار التجارية الخاصة بصاحب العمل حيث نص في الفقرة (6) من المادة الخامسة والستون من نظام العمل على أنه يجب على العمال أن يحفظوا الأسرار الفنية والتجارية والصناعية للمواد التي ينتجونها أو تلك التي ساهموا في إنتاجها بصورة مباشرة أو غير مباشرة، بالإضافة إلى الأسرار التي من شأن إفشائها الإضرار بمصلحة صاحب العمل. كما أعطى نظام العمل صاحب العمل الحق في فصل الموظف المفشي للمعلومات التي تمثل أسراراً تجارية من دون إشعار أو تعويض مع حرمانه من مكافأة نهاية الخدمة. وأجاز النظام لصاحب العمل أن يشترط على العامل ألا يقوم بعد انتهاء عقده بمنافسته أو إفشاء الأسرار التي حصل عليها أثناء عمله. ولكن للأسف فالنظام حدد المدة القصوى لمثل هذا الاتفاق بسنتين من تاريخ انتهاء عقد العمل من دون أن ينظر لما قد يترتب على إفشاء العامل لأسرار صاحب العمل من أضرار حتى بعد مرور سنتين خصوصاً إذا عمل لدى شركة منافسة. 

Comments

Popular posts from this blog

ميراث زوجة الأب

الحماية القانونية للتصاميم

تمييز الابن العامل عن إخوته