الشراكات بين رواد الأعمال


بدأ الكثير من الشباب مؤخراً في الاتجاه إلى مزاولة الأعمال الخاصة وتكوين شراكات مع زملائهم وذلك في العديد من قطاعات الأعمال مستفيدين من الخبرات التي اكتسبوها خلال فترات عملهم لدى القطاع الخاص، وهذا توجه جيد ويخدم الاقتصاد الوطني بشكل كبير؛ إلا أن كثير من مشاريع شباب الأعمال وللأسف تكون في بداياتها ناجحة ومثمرة وتستمر كذلك لفترة من الزمن وما تلبث أن تتلاشى بسب خلاف بين الشركاء على نقاط لم يتم الاتفاق عليها في بداية شراكتهم في اتفاقية مكتوبة، أو بسبب إخلال بعقد لم تتم صياغته من قبل مختصين بالشكل الذي يحمي المشروع أو العمل التجاري ويحافظ على مصالح الشركاء في المقام الأول.
إن على رواد وشباب الأعمال - بعد اختيار الشريك المناسب - مناقشة جميع النقاط، وافتراض أسوء الاحتمالات التي قد تثير الخلاف مستقبلاً والتي قد تؤثر على استمرارية الشركة وذلك دون أي حرج، مع عدم الاستهانة مطلقاً بالبنود المتعلقة بالإدارة، وبيع وشراء الحصص، ودخول وخروج الشركاء. فلابد من الاتفاق على من سيدير الشركة سواء من الشركاء أو من غيرهم، وإذا كان لواحد من الشركاء أو أكثر حق الإدارة فلابد من تحديد مسؤولية كل شريك، ودوره في إدارة الشركة بالتفصيل، منعا للتداخل والفوضى ومن ثم الخلاف، لا قدر الله. كما لابد من الاتفاق على مقابل الإدارة الذي يتقاضاه الشريك الذي سيتولى الإدارة، سواءا كان ذلك في شكل مرتب شهري أو حصة إضافية من الأرباح؛ ويفضل أن يتفق الشركاء أيضاً على كيفية حساب قيمة الحصص في حال رغبة أحد الشركاء في بيع كل أو بعض حصصه في الشركة، وتحديد ما إذا كان ذلك سيكون على أساس القيمة السوقية أو غير ذلك، وهل البيع لأحد الشركاء يكون بنفس قيمة البيع للغير أم لا.
كما أن على الشركاء اختيار الشكل المناسب لشركتهم من بين أشكال الشركات التي نص عليها نظام الشركات، كالشركة ذات المسؤولية المحدودة أو التضامنية أو شركة التوصية البسيطة أو غيرها. وأود أن أنوه بأنه ليس هناك شكل "أفضل" للشركة في رأيي قد يلجأ إليه رواد وشباب الأعمال، حيث أن لكل شكل من أشكال الشركات مميزات وعيوب، وإنما قد يكون هناك شكل أكثر ملائمة من غيره لشركاء معينين، وذلك يحدده المستشار القانوني بعد دراسة وتحليل جميع المعطيات بما في ذلك القدرة المالية للشركاء، وعدد الشركاء، ونشاط الشركة وخططها المستقبلية.
ولا يكفي اختيار الشكل القانوني الملائم للشركة لضمان نجاحها واستمرارها، إذ لابد من صياغة بنود عقد التأسيس بشكل سليم لتلافى الثغرات، وننبه إلى ضرورة عدم الاعتماد على النماذج الجاهزة لعقود الشركات والتي تحتوي على البنود الأساسية التي يشترطها نظام الشركات فقط، ولا التي تتطرق للكثير من التفاصيل المهمة جداً والتي تختلف من شركة إلى أخرى، والتي قد يؤدي إغفالها إلى الكثير من المشاكل بين الشركاء. أيضاً، يفضل مراجعة عقد التأسيس من فترة إلى أخرى بإشراف مستشار قانوني وذلك لإجراء التعديلات الضرورية لجعل الشركة متماشية مع وضع السوق بشكل عام ووضع الشركاء بشكل خاص.

Comments

Popular posts from this blog

ميراث زوجة الأب

الحماية القانونية للتصاميم

تمييز الابن العامل عن إخوته