الأخطاء الطبية


للأسف الشديد فقد انتشرت هذه الأيام ظاهرة الأخطاء الطبية التي امتلأت الصحف بأخبارها ولا تكاد تقع إلا في المستشفيات الخاصة، ولا ندري هل السبب في أجساد المرضى التي لم تعد قادرة على التماسك وتتدهور حالتها بمجرد رؤية فاتورة المستشفي، أو أن السبب هو حاجة بعض الأطباء-وهم قلة- إلى إعادة التأهيل بشكل عام! 
إن خطأ الطبيب هو خطأ مهني يتعلق بأصول مزاولة مهنة التطبيب، وإذا لم يراع تلك الأصول وتسبب في ضرر للمريض مهما كانت درجة ذلك الضرر يعد خطأه خطئاً فاحشاً ويعتبر الطبيب في هذه الحالة متعديا، ويكون هذا التعدي إما في صورة فعل ايجابي كأن يأتي بفعل مخالف لأصول المهنة، وإما في صورة امتناع عن القيام بما تمليه أصول مهنة الطب. وفى الحالتين يعتبر الطبيب مخطئاً ويسأل عن خطئه.
وقد أجمع الفقهاء على أن عدم قيام الطبيب بما تفرضه عليه مهنته من التزامات يجعله مخطئاً مما يستوجب مسؤوليته عن الضرر الذي يسببه للمريض. ولقد نصت المادة السابعة والعشرون من نظام مزاولة مهنة الطب البشرى وطب الإنسان على إن التزام الطبيب أمام مريضه هو التزام بذل عناية، لذا وجب على الطبيب التزام أصول مهنته على الوجه المتعارف عليه بين الأطباء وإلا اعتبر عدم التزامه بتلك الأصول خطأ يسأل عنه نظاماً. فإذا أخطأ الطبيب في العلاج، أو كان جاهلاً بأمور كان من المفترض لمثله الإلمام بها، أو قصر في متابعة حالة المريض، أو في الإشراف على مساعديه وترتب على ذلك ضرر للمريض فإن الطبيب يكون مسؤولاً ويلزم بتعويض المريض.
إن الإجراء النظامي المتبع في حالة الخطأ الطبي هو تقديم شكوى للشئون الصحية للتحقيق في الموضوع، ثم بعد ذلك يتم عرض الشكوى أمام اللجنة الطبية الشرعية والتي تقرر بعد الاستماع إلى أقوال المريض والطبيب مدى مسئولية الطبيب عن الضرر الذي أصاب المريض. فإذا ثبت أن الطبيب مخطئ، تصدر اللجنة الطبية الشرعية حينئذ قرارها بإلزام الطبيب بتعويض المريض عما أصابه من ضرر أو الورثة في حالة وفاة المريض، هذا بالإضافة إلى العقوبة التأديبية المنصوص عليها نظاماً والتي تبدأ بالإنذار مروراً بالغرامة المالية ثم إلغاء الترخيص مؤقتاً أو نهائياً في حال تكرار الخطأ.
أما فيما يتعلق بالتعويض الذي تقرره اللجنة الطبية الشرعية فهو يختلف بحسب الضرر، فقد يكون الدية الكاملة أو الإرش ( جزء من الدية على قدر الضرر). فالفقهاء على أن الدية تجب كاملة في الجناية الخطأ على النفس، أي إذا أدى خطأ الطبيب إلى الوفاة. أما إذا أدى الخطأ إلى إزالة عضو بأكمله، فإن الدية تكون كاملة إذا كان العضو لا نظير له في البدن كرحم المرأة أو اللسان أو الأنف. أما إذا كان العضو منه اثنان في البدن فإن في واحده نصف الدية، وأما ما كان منه في البدن أربعة ففيه ربع الدية، وما كان منه في البدن عشر فعشر الدية وهكذا. أما إذا أدى خطأ الطبيب إلى زوال منفعة عضو كزوال حاسة الشم أو البصر أو السمع ففي كل حاسة دية كاملة، وإذا تعددت الحواس وجبت الدية كاملة عن كل حاسة زالت بالخطأ. 

Comments

Popular posts from this blog

ميراث زوجة الأب

الحماية القانونية للتصاميم

تمييز الابن العامل عن إخوته