التلاعب بالمتعاملين في سوق الأسهم



مرة أخرى أصدرت هيئة السوق المالية قراراً بإيقاف اثنين من المتعاملين بسبب ممارسات تنطوي على احتيال وتدليس وتلاعب بقصد إيجاد انطباع غير صحيح بشأن أسعار أسهم بعض الشركات وحجم التداول على أسهمها، وهنا لابد لنا من الوقوف عند نقطتين.
النقطة الأولى هي عدم تورع البعض من التلاعب والقيام بالتصرفات التي تسبب ضرراً كبيراً للسوق والمتعاملين فيه وذلك لتحقيق أهداف شخصية ومكاسب كبيرة في أسرع وقت على حساب السوق وعامة المتعاملين فيه.
 إن نظام السوق المالية ولوائحه يحظران جميع التصرفات والممارسات التي تنطوي على تلاعب أو تضليل وتسبب ضرراً للسوق وللمتعاملين فيه. ولقد نصت المادة التاسعة والأربعون من نظام السوق المالية على أنه "يعد مخالفاً لأحكام هذا النظام أي شخص يقوم عمداً بعمل أو يشارك في أي إجراء يوجد انطباعاً غير صحيح أو مضللاً بشأن السوق، أو الأسعار، أو قيمة أي ورقة مالية، بقصد إيجاد ذلك الانطباع، أو لحث الآخرين على الشراء أو البيع أو الاكتتاب في تلك الورقة، أو الإحجام عن ذلك أو لحثهم على ممارسة أي حقوق تمنحها هذه الورقة، أو الإحجام عن ممارستها". كما أن المادة الثانية من لائحة سلوكيات السوق تنص على عدم جواز القيام بشكل مباشر أو غير مباشر من قبل المتعاملين في السوق بإدخال أمر أو تنفيذ صفقة على سهم معين لغرض خلق انطباع كاذب أو مضلل لدى بقية المتعاملين في السوق بوجود تداول نشط على سهم من الأسهم أو بوجود اهتمام بشرائه أو بيعه، أو لغرض الوصول إلى سعر مصطنع وغير منطقي لطلب أو عرض أو تداول سهم من الأسهم.
وتتعدد التصرفات التي تعتبر تلاعباً وتؤدي إلى وجود انطباع غير صحيح ومضلل بوجود تداول نشط على سهم من الأسهم أو بوجود اهتمام بشرائه أو بيعه، أو لغرض تكوين سعر مصطنع، ولقد أشارت المادة الثالثة من لائحة سلوكيات السوق إلى تلك التصرفات غير المشروعة ومنها:
§        إدخال أوامر لشراء أو لبيع سهم مع العلم المسبق بوجود أوامر مشابهة ومقاربة من حيث الحجم والتوقيت والسعر لشراء أو لبيع ذلك السهم.
§        شراء أو تقديم عروض لشراء ورقة مالية بأسعار تتزايد بشكل متتابع، أو بنمط من الأسعار متتابعة التزايد.
§        بيع أو تقديم عروض لبيع ورقة مالية بأسعار تتناقص بشكل متتابع، أو بنمط أسعار متتابعة التناقض.
§        إدخال أوامر لشراء أو بيع أسهم بهدف التحكم في السعر أو العرض أو الطلب على سهم معين.

وبالرغم من أن هيئة السوق المالية بحظرها لتلك التصرفات قد أقفلت جميع المنافذ على المتلاعبين بالسوق، إلا أن البعض ممن على أبصارهم غشاوة الأرباح الطائلة السريعة وللأسف الشديد لا يبالون بالنتائج السلبية والأضرار التي يلحقونها ببقية المتعاملين وفوق ذلك الاقتصاد الوطني، وغير آبهين بالعقوبات التي توعدتهم بها الأنظمة واللوائح الخاصة بالسوق المالية.
فإذا ثبت أن أي شخص قد اشترك، أو شرع في أعمال أو ممارسات تشكل مخالفة لأي من أحكام نظام السوق المالية، أو اللوائح أو القواعد التي تصدرها هيئة السوق المالية - بما فيها التصرفات آنفة الذكر - فإنه يحق للهيئة استناداً إلى أحكام المادة التاسعة والخمسين من نظام السوق المالية إقامة دعوى ضده أمام لجنة الفصل في منازعات الأوراق المالية لاستصدار قرار بالعقوبة المناسبة، والتي قد تصل إلى إلزام من يثبت بحقه التلاعب بتعويض الأشخاص الذين لحقت بهم أضراراً نتيجة للتلاعب، وإلزامه بدفع المكاسب التي حققها نتيجة لتلاعبه إلى هيئة السوق المالية والحجز والتنفيذ على ممتلكاته الشخصية.
أما النقطة الثانية والأهم فهي كيفية قيام هؤلاء المتلاعبين بتنفيذ تلك التصرفات غير المشروعة وإدخال أوامر البيع والشراء على الأسهم المستهدفة وبمبالغ كبيرة - حسب بيان الهيئة -  بالرغم من أن تلك التصرفات لابد أن تتم من خلال البنوك. أن لائحة سلوكيات السوق في المادة الحادية عشرة منها قد حظرت على البنوك أو أية جهة أخرى مرخص لها القيام بعمليات الوساطة في حال مجرد اعتقادها وجود تلاعب من أحد عملائها أو تصرفات غير مشروعة، قبول أو تنفيذ أمر ذلك العميل بالبيع أو الشراء وتوثيق ذلك التلاعب أو تلك التصرفات غير المشروعة وإشعار هيئة السوق المالية بذلك خلال ثلاثة أيام من تاريخ عدم تنفيذ الأمر للعميل.
فكيف تمت تلك العمليات من دون أن تكتشف البنوك تلاعب القائمين بها ومن دون أن تعتقد بوجود تلاعب قبل تنفيذ العمليات، ومن دون أن تتدخل لمنع مثل تلك التصرفات وهو الأمر الواجب عليها بموجب لائحة سلوكيات السوق الواجب عليها (ولا أقصد هنا التشكيك في بنوكنا الوطنية بأي شكل من الأشكال).
 أخيراً لا يخفى على أحد أهمية دور البنوك في الحد من التصرفات غير المشروعة في السوق، عليه فلابد للبنوك من أن تقوم بالدور المناط بها وتشدد الرقابة على أوامر البيع أو الشراء التي قد تسبب ضرر للسوق وليس فقط تلك التي يعتقد بأنها تهدف للتلاعب بالسوق وذلك من أجل حماية المتعاملين في السوق خاصة والاقتصاد المحلي عامة.

Comments

Popular posts from this blog

ميراث زوجة الأب

الحماية القانونية للتصاميم

تمييز الابن العامل عن إخوته