المساهمات العقارية



تم مؤخراً إطلاق سراح أحد أشهر وأقدم سجناء المساهمات العقارية بالمملكة والذي تم سجنه إثر ضياع أموال المستثمرين في تلك المساهمة. والجميع سمع مؤخراً عن العديد من المساهمات العقارية القليل منها كان منظماً بشكل قانوني سليم يحفظ حقوق المساهمين فيها، والبعض الأخر منها كان ينطوي على احتيال على المساهمين لسرقة أموالهم واستغلال حجتهم في استثمار مدخراتهم ورغبتهم في مضاعفة تلك المدخرات خلال شهور قليلة.
إن اللوم في رأيي يجب أن يوجه في المقام الأول إلى من يدفعون أموالهم إلى كل من هب ودب وأعلن أنه يستطيع تحول التراب إلى ذهب في لمح البصر، وكأن أولئك المستثمرين لا يستفيدون من تجارب غيرهم ومن القصص المؤلمة التي تعج بها الصحف.
ولقد وضعت الحكومية السنية رعاها الله لطرح أية مساهمة عقارية من أي نوع، أو لجمع أموال لها، أو للإعلان عنها ضوابط يجب تحققها لتكون المساهمة العقارية سليمة. ومن ضمن تلك الضوابط الحصول على موافقة وزارة التجارة والصناعة وفق شروط لابد من توافرها في أية مساهمة عقارية وإلا كانت المساهمة غير نظامية. أول تلك الشروط أن تكون أرض المساهمة مملوكة بصك شرعي سليم يمكن صاحبه من التصرف في الأرض. فلابد أن يكون الصك غير مرهون وغير مهمش عليه بأية عبارة قد تمنع أو تعيق قيام المساهمة العقارية. وتتولى وزارة التجارة والصناعة مخاطبة وزارة العدل للإفادة عن سلامة صك ملكية الأرض. الشرط الثاني أن يكون صك الأرض باسم الجهة المتقدمة بطلب طرح المساهمة العقارية، وألا تقل ملكية تلك الجهة في المساهمة العقارية عن 20% من قيمة المساهمة. من ضمن الشروط أيضاً الحصول على الموافقة على تخطيط الأرض المراد إقامة المساهمة عليها. وتتولى وزارة التجارة والصناعة مخاطبة الأمانة أو البلدية المختصة للإفادة عن موافقتها على تخطيط الأرض. ولابد أيضاً من الحصول على موافقة وزير التجارة والصناعة على تقدير قيمة الأرض من المشكلة لتقدير قيمة الأرض.
ومن ضمن الضوابط أيضاً أن يكون للوحدات العقارية المطروحة للمساهمة رخصة بناء سارية المفعول صادرة من الأمانة أو البلدية المختصة، ودراسة من مكتب استشاري معتمد تبين تكلفة البناء ومدته والخدمات المتعلقة به.
بعد الحصول على موافقة وزارة التجارة والصناعة وقبل الإعلان عن المساهمة يجب الحصول على موافقة هيئة السوق المالية لفتح صندوق استثماري باسم المساهمة. والهدف من ذلك هو تجميع أموال المساهمين في الصندوق وأن تتم إدارته من قبل متخصصين في إدارة صناديق الاستثمار وذلك بهدف المحافظة على أموال المستثمرين. أما الضابط الأخير من ضوابط الترخيص للمساهمة العقارية فيتمثل في التهميش على صك ملكية أرض المساهمة وتسجيله في كتابة العدل بما يفيد أن الأرض تحت المساهمة، لضمان عدم التصرف في الأرض من قبل ملاكها خلال مدة المساهمة.
ولا يجوز الإعلان عن أية مساهمة عقارية إلا بعد الحصول على الترخيص اللازم لذلك من هيئة السوق المالية شريطة أن يشتمل الإعلان عن المساهمة العقارية على رقم موافقة وزارة التجارة والصناعة المبدئية وتاريخها ورقم ترخيص هيئة السوق المالية وتاريخه ورقم الموافقة على اعتماد المخطط.
أخيراً فلابد لكل مستثمر حريص على أمواله التأكد من سلامة الوضع القانوني للجهة التي سيعهد إليها بأمواله لاستثمارها، فعليه التأكد من أنها قائمة ومؤسسة بشكل نظامي وأنها مرخص لها من قبل الجهات المختصة للقيام بالنشاط المراد الاستثمار به. هذا بالإضافة إلى التأكد - عن طريق اللجوء إلى أصحاب الاختصاص - من أن العقد المبرم مع تلك الجهة ليس به ثغرات قد تؤدي إلى ضياع أمواله، وأن ذلك العقد يضمن حقوقه كمستثمر بما في ذلك استرجاع أمواله في حال تعثر المساهمة سواء كانت عقارية أو غيرها من المساهمات العجيبة التي نسمع عنها في الصحف.

Comments

Popular posts from this blog

ميراث زوجة الأب

الحماية القانونية للتصاميم

تمييز الابن العامل عن إخوته