إلزامية تصرفات المدير للمنشأة


يعتبر مدير المنشأة التجارية المحرك لأعماهال اليومية حيث يعهد إليه أصحاب المنشأة باتخاذ ما يراه مناسباً لكي تحقق المنشأة أهدافها ولكي تنمو وتزدهر وتحقق الربح. كما ذكرنا بأن المدير يُمنح عادة السلطات والصلاحيات التي تمكنه من إدارة المنشأة بالشكل اللازم لتحقيق أهدافها، وتشمل تلك الصلاحيات في العادة تمثيل المنشأة في علاقاتها مع الغير والتوقيع على العقود نيابة عن المنشأة.
والسؤال الذي يتبادر إلى الذهن هو ما مدى إلزامية التصرفات التي يقوم بها المدير أثناء إدارته - كإبرام العقود مثلاً- للمنشأة ولمن بعده من المدراء؟
على افتراض أن جميع التصرفات التي يقوم بها المدير أثناء إدارته تدخل ضمن السلطات والصلاحيات المخولة له، فان جميع تلك التصرفات تكون ملزمة للمنشأة ولمن يأتي بعده من مدراء آخرين، حيث أن المادة (167) من نظام الشركات نصت على أن "..تلتزم الشركة بأعمال المديرين التي تدخل في حدود سلطتهم.." وهذا الالتزام بالطبع يكون في مواجهة الغير ولا يجوز الإخلال به. فلو أن المدير وقع عقد مدته خمس سنوات مع إحدى الشركات لتوريد بضاعة لمنشأته وتم تغيير ذلك المدير بأخر فلا يحق للمدير الجديد أن يخل بالعقد بحجة أنه لا يوافق على بنوده، أو أن العقد غير ملزم للمنشأة لأن المدير الذي وقع عليه ترك المنشأة، أو أن الإدارة الجديدة غير مقتنعة بجودة البضاعة الموردة.
 والسبب في عدم جواز قيام المنشأة (المدير الجديد) بالتنصل مما التزم به المدير السابق (فسخ العقد مثلاً) هو أن المدير السابق وقع العقد والتزم نيابة عن المنشأة وباسمها ولمصلحتها وبالتالي فان جميع الالتزامات الناتجة عن العقد تكون ملزمة للمنشأة ولا يجوز للمنشأة التنصل من التزاماتها التي هي في النهاية غير متعلقة بشخص المدير، فبقاء أو تغيير المدير لا يغير من الأمر شيء حيث أن المنشأة ملزمة بما تعاقد عليه المدير المسجل اسمه في السجل التجاري وتغييره لا يعفي المنشأة من التزاماتها.
فإذا ما تضرر أصحاب المنشأة من تصرفات خاطئة قام بها المدير أو تضرروا من مخالفته للأنظمة أو تجاوزه لصلاحياته جاز لهم عندئذ مطالبته بالتعويض عن الضرر الذي لحق بهم وذلك عملاً بالمادة (168) من نظام الشركات والتي نصت على أن مدير الشركة ذات المسؤولية المحدودة يسأل عن الضرر الذي يصيب الشركة أو الشركاء أو الغير بسبب مخالفة أحكام هذا النظام أو نصوص عقد الشركة أو بسبب ما يصدر منه من أخطاء في أداء عمله. كما أن المادة (32) من نظام الشركات نصت على أن مدير شركة التضامن يسأل عن تعويض الضرر الذي يصيب الشركة أو الشركاء أو الغير بسبب مخالفة شروط عقد الشركة أو بسبب ما يصدر منه من أخطاء في أداء عمله.
إذاً فالضرر الذي قد يلحق بالمنشاة نتيجة لتصرفات مدير سابق يكون علاجه بمحاولة تعديل التزامات المنشأة بالتفاهم مع الطرف الأخر، بالإضافة إلى الرجوع على المدير المتسبب في الضرر ومطالبته بالتعويض، أما أن يأتي مدير جديد ويقوم بإلغاء جميع العقود التي ابرمها المدير السابق وبطريقة غير قانونية، ويخل بالتزامات المنشأة المترتبة على تصرفات المدير السابق، فإن ذلك يعد تصرفاً غير قانوني وسيوقع المنشأة حتماً في مشكلة قانونية وستجد نفسها ماثلة أمام القضاء بسبب إخلالها بالتزاماتها التعاقدية.

Comments

Popular posts from this blog

ميراث زوجة الأب

الحماية القانونية للتصاميم

تمييز الابن العامل عن إخوته